أرواح معطلة

     نظر فى ساعته، أدرك أنه وقت النزول، ألقى نظرة أخيرة للمرآة وضبط ياقة القميص وابتسم لنفسه ونزل من البيت...
كانت أمام المرآة أيضاً تقف متوترة، غيرت وضع الحجاب على رأسها أكثر من مرة، ثم إلتفتت لتنظر لنفسها من الخلف ودارت دورة كاملة ثم ابتسمت لنفسها ونزلت.. لم ير كلٍ منهما الآخر منذ ثلاث سنوات، وقت طويل ليتغير كلاهما تماماً..

لا يعلم كيف سيدور الحوار بينهما، هو طلب منها اللقاء فوافقت.
 اقترب من المكان وباقى على ميعادهما ربع ساعة؛ فمشى حول المكان فى شوارعه الجانبية يفكر فى ذكرياته معهما لأكثر من أربع سنوات..
كانت تفكر وهى فى طريقها.. ماذا سيقول لى؟ هل سيعتذر؟ يالسخافته إن فعل.. هل سيطلب أن نعود أصدقاء؟ هل أنا مستعدة للحديث معه.. لماذا وافقت إذن؟.. وتذكرت مواقفه السيئة معها وكادت تستدير وترجع من حيث جاءت، لكنها كانت تمشى دون إرادة حقيقية منها فلم تستطع الرجوع.
      رآها قادمة فى فستان أسود وطرحة حمراء، لم يكن رآها فى فستان قبل ذلك.. ابتسم، نظرت له ونظرت فى الأرض وابتسمت، ثم رفعت عينيها فى عينيه مرة أخرى مع زوال الابتسامة من على فمها.. لم يستطع هو سحب الابتسامة من على وجهه.. أراد ان يحتضنها بقوة، لكن خفوت الابتسامة من على وجهها، وعدم مد يدها للسلام عليه وإكتفائها بـ "إزيك؟" و"هنقعد فين؟" منعته.. مشى بجوارها، دارت فى رأسه عدة حوارات ممكنة متبادلة بينهما، استغرقته حتى كاد أن ينتهى الشارع الطويل دون أن يتكلم.
       دارت فى رأسها أسئلة كثيرة، وتحاول منع نفسها من الإستسلام لمشاعر الافتقاد التى تدفعها إلى حضنه، وتدفع يدها دفعاً للإمساك بيده..
      جلسا فى مكانٍ جديد تفاديًا لهجوم الذكريات عليهم.. ظل الجو متوترا بينهما، لم يذيبه سؤاله عن حياتها وشغلها، وسؤالها عن جديده بدورها، ولا التعليقات الساخرة عن المكان أو المشروبات..
      بعد مرور نصف ساعة، والجو مشحون بالتوتر والمشاعر المتضاربة، كانت يدها قريبة من يده، وقلبه تتسارع دقاته وهو يهم بوضع أصابعه فوق أصابعها، كأنه لم يمسك هذه اليد مئات المرات قبل ذلك، كأن لم يألفها كظهر يده تماما...
     نظرت إلى يده الكبيرة ذات العروق البارزة وفكرت للحظة أن تلمسها، لكنه فاجأها عندما وضع يده علي يدها، وحرك أطراف أصابعه على أصابعها كما لو كان يتعرف عليهم لأول مرة.. بهتت ونظرت فى عينيه نظرة طويلة، اغرورقت عيناها بالدموع، وتمسكت بيده ضاغطة عليها.. دموعها والتشبث بيده سحبت الدموع إلى عينيه لتملأها.. تركت يده، فسحبها.. أخرجت منديل ومسحت عينيها، وابتسمت الابتسامة التى يألفها جيدا ابتسامة قلة الحيلة والحزن وسط الدموع، وقالت له عن إذنك وذهبت..

     رأها تخرج من المكان بأكمله، نظرت نظرة أخيرة له وجريت بإتجاه منزلها .. 
انتظرها آملا فى عودتها مرة أخرى.. دارت فى رأسه الأفكار والذكريات وهو يحاول الاتصال بها، يسمع صوت الصفارة التى تعلن عدم الرد، فيضغط ضغطتين سريعتين على زر الاتصال إلى أن يسمع الصافرة مرة اخرى.
     ظل هكذا ساعة، يفكر فى كل ما مرّ وكان بينهما وصوت الصافرة مستمر، إلى أن سمع صوت يخبره أن الهاتف مغلق.
     الذكريات والمواقف تعصف به فتقذفه إلى أقصى اليسار مرة وإلى اليمين أخرى، يشعر بالذنب ثم الخجل، وبعدها يبتسم لذكرى جميلة.
    أخذت سلالم بيتها جريا، تتوقف كل فترة لتمسح دموعها وتكمل. دخلت فألقت بحقيبتها على الأرض وخلعت حذائها ووقفت تبكى أمام المرآة، تموج المشاعر بداخلها لا تستطيع الإمساك بأحدهم وإتهامه إنه سبب بكائها، تزيل دبابيس حجابها وسط نشيج مستمر، تحاول أن تهدأ قليلا وتثبت رأسها كى تضع يدها فى مكانهما تحديدا. بعدها رجعت بقوة للبكاء. فكت فستانها بصعوبة، وأنزلته من على كتفها وصدرها وجلست على السرير تسترجع بعض المشاهد من ذاكرتها وتبكى أكثر، رأسها يكاد ينفجر من الصداع فمدت يدها جانبها إلى زجاجة ماء وشربت، أخذت نفسا عميقا عدة مرات فهدأت قليلا. قامت فأنزلت فستانها وحملته إلى الدولاب، ثم رمت بنفسها على السرير فى بكاء شديد.
تدور المشاهد فى رأسها ..شكله اليوم، وتشبثها بيده، لتأخذها هذه المشاهد إلى كل مشاهد تشبثها به وتركه لها، تنقسم رأسها نصفين ويؤلمها فمها، تحكم الغطاء حولها وتغمض عينيها الواسعة التى تنساب الدموع من جوانبها...
     خرج من المقهى فى بطىء كمن يحمل على صدره حجر، يفكر .. أأخطأت حين طلبت لقائها؟ هل كان ممكنا أن أمنع نفسى؟ تعقدت الأمور بيننا لكنى أصبحت شخصًا جديدا لكن كيف لها أن تعرف وأنا أمامها ليس سوى مجموعة من المواقف والذكريات بحلوها ومرها.. وآه من مرها هذه.. استمر الحديث بينه وبين نفسه حتى وجد نفسه أمام بيتها، وقف طويلاً لا يعرف ماذا يفعل ويشعر بصدره وذراعيه ينجذبان نحو بيتها كما ينجذب الجائع لرائحة الطعام.. هل قادر حضنى على توصيل ما أريده، كرر السؤال مرة أخرى إلى صدره.. هل قادر أنت على توصيل ما أريد أم ستزيد الأمور تعقيدا!.
    جلس على الرصيف المقابل لمنزلها، لايفكر سوى فى صدرها وهو يلامس صدره، فى يده وهى تعانق ظهرها.
    ظل جالساً ساعات، بل أياماً وشهور، جسده قام وانخرط فى الحياة اليومية لكن روحه مازالت على جلستها فى إنتظارها من يومها. لم تنزل هى من المنزل، بل لم تقم من سريرها بالرغم من أن جسدها فعل...

جنازة وجواب


(1)

أخذ ملابسه من على شماعة صينى ووضعها على السرير.
ارتدى البنطلون التركى ووضع قدميه فى الحذاء المصنوع فى الصين مهتما بالشراب ـ فهو الوحيد المصرى بجانب الملابس الداخلية ـ ثم تناول الجاكيت الصينى ايضا وارتداه .. شرب آخر جزء من النسكافية المستورد من كوريا الجنوبية، واطفأ الكمبيوتر متعدد الجنسيات، وأغلق الباب وخرج ..
   عبر أول شارع فى طريقه إلى الشارع الرئيسى، تقابله شمس هادئة وهواء بارد. أشار إلى ميكروباص يابانى متجه إلى التحرير، سيحضر جنازة هناك. هو لا يحب مراسم العزاء ولا يعرف كيف يذهب إليها، لكنه يذهب إلى جنازات الشهداء ..
جلس بجانب الشباك، وأخرج السماعات الصينى ليضعها فى هاتفه الفنلندى .. سأسمع بعض الاغانى الوطنية للشيخ إمام ..أعاد سماع جيفارا مات عدة مرات، متابعا العربات المتدافعة لتمر من ورائهم عربة إسعاف، مرت بجانب نافذته مباشرة. كانت بيضاء، ومكتوب على جانبها إهداء من الشعب اليابانى وعلم اليابان فوق الكلمة..تسابقت العربات لتمشى ورائها.
   وصل الميكروباص بالقرب من ميدان التحرير، نزل ومشى قليلا وهو يفكر فى هذا الولد الصغير الذى قُتل برصاص الشرطة، والرجل الذى اختنق بالغاز المسيل للدموع الامريكى. مشى مع الجنازة ـ التى كانت مهيبة ـ إلى المقابر فى القلعة مرددا معهم "حسبى الله ونعم الوكيل" و "لا إله إلا الله". مرت الجنازة من وسط البلد إلى عابدين إلى القلعة فى تدرج فى الطبقات الإجتماعية وشكل المعيشة من الأعلى إلى الأسفل. قبل وصول الجثمان إلى المدافن علق أحد الجالسين على مقهى تمر من أمامه الجنازة  " إيه الجنازة الطرية دى ! " وهو يتفحص السيدات المارات أمامه.. 

(2)

دخل البيت وكان الجو دافىء. خلع ملابسه وارتدى شورت صنع فى تايلاند وتيشرت من بنجلاديش. وضع رأسه تحت الماء قليلا، ثم اتجه إلى المطبخ ووضع إناء به ماء لعمل الشاى، وبعد بحث طويل عن الكبريت وجد علبة على الارض مكتوب عليها صنع فى الهند. بدأ يتجول فى البيت ويفكر فى اليوم .. ترى فى ماذا كان يفكر وهو فى الصفوف الأولى فى مواجهة الشرطة؟ ماذا بيدى أفعله حتى لا يصبح موته هباءا؟ كيف لم يتعاطف الناس مع الجنازة وكيف استطاع هذا الرجل أن يسخر من الجنازة بهذا الشكل؟ حتى لو كان هذا رأيه لماذا رفع صوته ليسمعنا ؟.. سمع صوت الماء،دخل المطبخ ووضع السكر فى كوب صنع فى الصين، وصبّ الشاى ثم أضاف القرنفل ..

جلس على المكتب و قرر أن يكتب جواب لنفسه أو لشخص مُتخيل يعيش فى 2030 .. بحث عن الورق، مكتبه محاط بالكتب الأجنبية لـ الجامعة. أخذ مجموعة أوراق 
وكتب ...

إلى نفسى بعد 17 عام
أو من يقرأه بعدى ..
مرسل فى 2012 لـ عام 2030

...

أكتب لك
  اكتب لك بقلمى الألمانى مرتديا ملابسى المستوردة جميعها ماعدا الداخلية .. اتمنى أن يجدك هذا الخطاب فى ملابس مصرية كاملة. عدت منذ قليل من جنازة أحد الشهداء الذين قتلتهم وزارة الداخلية بعد الثورة وبعد الفترة الإنتقالية للمجلس العسكرى فى ظل حكم الرئيس محمد مرسى .. اتمنى فى 2030 ألا يكون هناك قوات مكافحة شغب، ألا تصرف الدولة الملايين على الغازات المسيلة للدموع الأمريكية ولا الملابس المدرعة. اتمنى أن تكون ميزانية وزراة الصحة والتعليم والثقافة أعلى من ميزانية وزارة الداخلية .. اتمنى أن تكون تحت حكم مدنى لا عسكرى ولادينى .. ترى ستتغير ثقافة المواطن عنها الآن؟ .. 17 سنة مدة كبيرة جدا، حتما ستتغير.. اتمنى أن يصبح المجتمع واعى، واعى لجهله،واعى لخضوعه، واعى لحقوقه، أن يدرك انه يعيش مستهلك فقط ..

هل المجتمع فى زمانك متحرش ؟ هل عدد السيارات الخاصة فى الشوارع مازال يزداد .. وهل توجد طرق ..أهناك صحراء على جانبى المدينة ؟ هل انتهت الاراضى الزارعية و اصبحت كلها مبانى ؟

احاول أن اتخيل صناعة السينما فـ مصر وقتها.. أمازلت تهتم بالاثارة الجنسية؟ و ماذا عن الادب امازالت الروايات التافهة ذات الاسلوب الركيك تحتل المراتب الاولى من قوائم الاكثر مبيعا ؟ و ماذا عن عدد المكتبات و سعر الكتب أهى مرتفعة ام اضافت الدولة دعما عليها جعلتها متاحة للجميع ؟

وماذا عن المرأة ؟ هنا النظرة الشهوانية فى أعين الرجال والشيوخ وحتى الاطفال .. يكفى أن تمر واحدة  من أمامه فقط - لا يهم عمرها ولا شكلها- حتى تتعلق عيناه بها متابعا حتى ترحل .. 
ترك الخطاب و قام ليفتح الباب. كان أخوه.وكالعادة ليس معه مفتاح باب العمارة. للعمارة باب حديد كبير بمفتاح، لضمان الامان داخل البيت.
صعد إلى البيت سريعا ليلحق الشاى قبل أن يبرد تماما. ظل ينظر إلى الجواب ويفكر حتى ارهق من التفكير.انتهى من الشاى، وأخذ الورقة وطواها،ووضعها فى درج مكتبه ليكملها لاحقا.

تحدث معه أخاه وهو يرتدى ملابسه عن الحفلة التى سيحضرها فـ الاوبرا.. حتى دار الاوبرا المصرية هى فى حقيقة الأمر يابانية، اهدتها لنا اليابان فـ ثمانينيات القرن الماضى بعد ان احترقت الاوبرا القديمة ..
ضاق بالبيت فـ كلّم أصدقائه واتفقوا أن يقضوا بعض الوقت فى قهوة وسط البلد..

(3)

ارتدى ملابسه مرة آخرى ونزل إلى الشارع. لا توجد ميكروباصات، فركب تاكسى إلى اقرب محطة مترو، ليكمل اليوم بحسب الفلوس التى معه. فى الطريق كان الراديو يذيع الاخبار،عدد القتلى فى سوريا وتنديدات الدول الآخرى. تذكر السيدة والطفلتين أمام المسجد بعد صلاة الجمعة حاملين جوازات السفر السورية و طالبين المساعدة. مر بجوار سور جامعة القاهرة، كان ملىء بالرسومات، بعضها لشهداء لم يراهم من قبل. وجد جملة مكررة بطول السور تقول " أين الضباط الاحرار "..آه متى يستقيم هذا الوطن، هل سيستمر طويلا مبدأ من بيده القوة المادية يحكم؟.. تركه السائق فى الدقى. كان الجو جميل فقرر أن يمشى إلى وسط البلد، مر بكوبرى قصر النيل، فتذكر يوم كان العساكر- بقيادة الضباط الاحرار - يجرون وراءه بالعصى الطويلة.. دخل الميدان كانت رائحة الغاز فى كل مكان، كانت خانقة وكان لابد أن يقف من وقت لآخر ليسترد أنفاسه..
أغلب المحال مغلقة والساعة لم تتعدى السابعة بعد..

مر على مقهى كان هو وصديقته السابقة يجلسون فيه، فتذّكر لحاظتهم معا.. السابقة يالها من كلمة سخيفة، تغيرت كثيرا أنا منذ أن كنت معها. لابد من طرد الذكريات والافكار التى غالبا ما تنقلب ضدى.. تحاشى المرور من شارع فيه محل اعتادا أن يمروا عليه.
 جلس قليلا مع اصدقائه.هم يتكلمون عن فرص العمل، والعمل فى مراكز الاتصالات الذى أصبح العمل الوحيد المتاح الآن.
   نزل المطر فاسعده وملاه شجنا.. كانت تحب المطر، ولايهمها أن تبتل ملابسها أو يصيبها البرد ..

وسط البلد حين تبتل شوارعها تصبح أكثر دفئا. الرصيف المقابل للمقهى إذا ابتعدت بخيالك قليلا، ونظرت تجاهه ستشعر إنك فـ أحد الدول الأوروبية، لكن حتما ستفيق سريعا على يد طفل تشد القميص ويقول "ساعدنى بـ أى حاجة .. هات جنيه" ..

بعد كوبان من القهوة، استأذن من أصدقائه وقام. مر على مكتبة على وشك الاغلاق، تفحص الكتب.. لا يوجد جديد.. ابتاع كتابا عن الثقافة والحرية. كان الموجود نسختين نسخة حديثة لدار نشر كبيرة بـ 35 جنيها، وآخرى قديمة لدار نشر آخرى بـ 5 جنيهات .. اخذ الثانية، وانطلق يركب المترو.

(4)

أدار المفتاح فى الباب وصدره يعلو ويهبط بسرعة من طول السلم. دخل البيت، قلع الجاكيت، وجلس يـتصفح الكتاب.. كل كتاب جديد يزيده سعاده.. انقطعت الكهرباء، سب سوء الحظ بصوت عالى، وقام يبحث عن الولاعة الصينى ـ أو الكبريت الهندى أيهما أقرب ـ على ضوء الهاتف الفنلندى. أشعل الولاعة فأضاءت المطبخ، وجد نصف شمعة ..
أخذ طبق معدنى صغير وجلس على السفرة، اشعل الشمعة وأمالها لتصب قليلا من شمعها الذائب على الطبق لتقف عليه. ثبت الشمعة، وتصفح الكتاب مرة آخرى.. كُتب هذا الكتاب منذ عشرين عاما.. تذكر الجواب فجاء به وقرأه مرة آخرى.. تُرى سأقرأه بعد 17 عام على ضوء مصباح يعمل بالطاقة الشمسية أم شمعة ايضا؟.. طوى الجواب، ونام على يديه، وهو ينظر إلى الشمعة..
فكر.. لو أنتهت حياتى الآن ماذا سينتظرنى، أهو عالم آخر أم جنة و نار فقط ؟! ..
حرّك أطراف أصابعه فوق النار، فتحرك لهب الشمعة وحرك خيالات على الحائط والسقف.. النور.. ما هو النور؟. دارت برأسه كل الأقوال المأثورة عن النور.. مر الوقت، وقربت الشمعة من الانتهاء.
ظل يتابعها حتى رقصت الشعلة رقصتها الأخيرة وماتت.. وساد الظلام.

ميدان صغير

       ميدان صغير تصبُّ فيه خمسة شوارع .فى الوسط حديقة صغيرة رديئة، مكتوب على السور القصير حولها "إهداء من محلات النور لـ الأدوات الكهربائية" .. على ناصية أحد الشوارع مقهى كبير يسمى الأصدقاء .. جلستُ على طاولة بعيدة عن التلفزيون . كانت قناة دينية تقرأ أجزاء من القرآن وكان الصوت عالى ..طلبت شاى بالنعناع .أمامى الميدان كاملا، ومدخل لـ شارعين من الخمسة .. على ناصية مشتركة بينهم يقع مسجد كبير بجواره سور مدرسة إبتدائية عليه رسومات ألوانها واضحة ومكتوب عليها " مدرستى نظيفة جميلة متطورة منتجة " .. تتناثر الاكياس و المعلبات بجانب صندوق كبير للقمامة يفصل بين المسجد و المدرسة ..
   جاء رجل ينتشر الشعر الابيض فى رأسه و وضع الشاى و كوب ماء أمامى .. شكرته و طلبت منه عود نعناع .. تأخر الرجل فبدأت اشرب الشاي ..
  كان الميدان هادئا  به قليل من المارة .. على الرصيف المقابل لـ سور المدرسة شجرتان صغيرتان ممسك بواحدة منهم طفل فى العاشرة من عمره تقريبا أسمر و طويل .. يحرك الشجرة يمينا و يسارا و يضرب بها طفلا آخر يصغره بعامين أو عام كلما اقترب منه ..
   جاءنى الرجل بعود نعناع  وانا على وشك الإنتهاء من الشاى .. مرّت طفلتان صغيرتان لا يتجاوز عمرهم التاسعة اعتقد . فاقترب الولد الصغير ووصف بصوت عالى مؤخرتهن بـ " الجامدة " ولمس واحدة . ابتعدت الصغيرتان فى ذعر . ورجع الولد لصديقه فضربه بالشجرة الصغيرة ورفع آلة حادة ولوح بها مرتين ثم أغلقها ووضعها فى جيبه .. اقترب منه الولد مرة أخرى، ووقفوا يتابعون الاطفال وهم يخرجون من المدرسة ..
   انتهيت من الشاى ونظرت فى ساعتى كانت الثانية .. فى الطاولة المجاورة يجلس رجل فى العقد الثالث من عمره يتصفح أحد الجرائد الحكومية و ينادى على رجل ليضبط الشيشة .. 
   تمر بائعة مناديل تحمل طفلا صغيرا . تضع كيس مناديل على كل طاولة ثم تعود لتأخذهم مرة أخرى دون كلام .. كانت صغيرة السن مشدودة الجسم تحت العباءة السوداء المتسخة .. اشتريت واحدا .. بعدها مباشرة مرَّ ولد صغير يبيع ترمس ..
   بدأ الميدان يضج بصوت الاطفال .. الأغلبية العظمى من الطالبات يرتدين الحجاب .. هناك من يجرى و آخر يبكى ..  يتقافز الولدان حول الطالبات متحرشين بهن، ثم اختفوا لا أعلم أين ذهبوا ..


    جلس على الطاولة المقابلة لى اثنين،عندما جاءهم صاحب الشعر الأبيض طلبوا  قهوة ودومينو .. اعتذر لهم الرجل عن الدومينو لأن " القرآن شغّال " على حد قوله. وأكملَ "الطاولة والدومنا بعد العِشا" ..
  جاءت طفلة إذا اغتسلت ستصبح أجمل طفلة رأيتها طول عمرى .. شعرها أحمر و عينيها بنية والجزء النظيف من وجهها شديد البياض .. طلبت منى "جنيه" اعطيتها و راقبتها و هى تمر بين الجالسين و تلعب فى طبق الشيشة المتراصة فيه الاحجار،فينهرها الجالس فتبتعد بعد ان تشوح بيدها، ثم تركتْ المقهى و رافقت بائعة المناديل ..  مرَّ الرجل مرة أخرى ليرفع الاكواب .. حاسبته و غادرت بعد أن اشتد الهواء وأثار التراب فى الميدان ..

مطبعة والآخِـر

    يتمايل الميكروباص به وهو يتحرك بسرعة كبيرة على الطريق متفاديا غِطاء بَارز، أو حفرة هنا، أو حجر هناك. وربما يتمَايل بطبيعته فهو مِن النوع الذى توقف إنتاجه منذ أكثر مِن نصف قرن  ..
  ممسكا بحقيبة بها كتب أحضرها من معرض الكتاب يُـتابع الطريق. أمَامه جركن أسود يضيّق المساحة المتاحة لقدميه، فتنحرف لتأخذ جزء مِن مسَاحة الجالس بجانبه .. العربة مُشتعلة بالنِقـَاش .. انتبه إلى أن كل مَنْ فى العربة يتناقش.
لا يدرك تحديدا مَنْ بدأ الكلام و بـ أى جملة. وبالطبع أصواتهم عالية. ماعدا السَائق الذى التزم الصمت .
    
    الشاب الجَالس بجانب السائق سأله " هو أنت كل يوم فى الدوشة دى "
" كل دور! "  قَالها السَائق وهو يمدُ يَده  بباقى العشرين جنيه .. هذا قبل أن يشَارك هذا الشاب مشاركة فعالة فى تلك الدوشة..
    مِقعد به ثلاث سيدات خلفه. الكل يتكلم فى نفس الوقت وبصوت عالى خلف أذُنه مباشرة. وراءهم ثلاثة شباب . كان قد سمع صوت محمد منير يغنى فى هَاتفِ أحدهم ،وحديث بينهم حول إحدى أغانيه قبل أن يتحرك الميكروباص من الموقف .
  
     تحمّل " الدوشة" وما تحمل مِن أفكار تحرق الدم وتضغط عليك لترد عليها، ولم يشارك إيثارا لسلامته وسلامتهم .. فى منتصفِ الطريق صَعد رجل فى الخمسين مِن عمره تقريبا و جلس بجانبه .. كانت أفكاره على عكس أفكار الثلاث سيدات خلفه .. وكان هذا الرجل أعلاهم صوتا، وأكثرهم تطرفا فى الأفكار. وما يلبث أن ينتهى مِن جملة حتى يتبعها بأخرى .. وإذا كتبنا ما يقول سيكون هكذا  " الغرب بيحارب مـ الغرب مش عايز رئيس مسـ الدنيا كلها بتحار حتى الجيش و الحكـ ... "
هو لا يُكمل الجملة لـ آخرها . فـ أول مـ كانت مرسى و الثانية كانت مسلم و الثالثة بتحاربه وهكذا .. هذا الرجل يبذلُ مجهودا فى الكلام ومَنْ يَسمعه يبذل ضِعفه فى الفهم .  ولا ينسى أن يتوجه بكلامه مباشرة إلى مَنْ يُحادثه فيدور ليواجه هذا بجملة فإذا تكلّم آخر فى آخِر العربة يدور بجسده كله ليواجهه.
   أخيرا نزل مَنْ كان جالسا بجانب السَائق ورَحم الجميع مِن اللثغة فى الكلام، ومِن دوران الرجل حول نفسه .. لم يمر الكثير مِن الوقت حتى نزلت السيدات الثلاثة فسمع أذنه تُهلل فرحا .. أما الرجل فبعد أن نزلت السيدات توجه إلى الثلاثة شباب فى آخِر مقعد ولم يكن باقى سواهم، و قال : " ماتسمعوش كلام الستات دى .. دول مش كويسين . مش محترمين "
أحدهم قال : " يا عم إحنا مالنا بيهم "
بينما قال الآخر : " إزاى يعنى مش محترمين يا حج " 
رد : " خايفين أصل مرسى هيمنع الزنا .. مرسى هيمنع الزنا "
وهنا تدخل السائق قائلا : " مطبعة و الآخِر يا حضرات " ...

مطاردة

    تأتى صورتها أمام عينى صدفة .. تتوارب كل الأبواب المغلقة ،فأرى نفسى هنا جالسٌ وفى يدى قلم يكتب اسمها، وهنا جالسةٌ هى فى حضنى .. تستهوينى الذكريات فاتقدم وأدخل هذه الأبواب و أمر بينهما .. كلما مررت من باب أجد آخر موارباً فادخله و أجد مشهد قد نسيته او تناسيته ..

  أنظرُ إلى الساعة اجدنى متأخراً على ميعادى بـ ساعةٍ كاملة .. لا مزاج لدى للخروج.. أدخل المطبخ ، القهوة الآن وقتها ..
لا يوجد كبريت، ابحث عن عود هنا او هناك .. أجدُ نصف عود يحاول أن يتلف ،أجربه يشتعل ، يظل فـ يدى حتى تشتعل النار تحت الكنكة فيحرق يدى .. اتذكر يوم فى شهر  8 منذ 4 سنوات .. يوم كنت ذاهبا لها واشعل عود الكبريت ،فقفز جزء صغير مشتعلا منه و جاء بالقرب من عينى .. لا اتذكر المشهد نفسه لكنى اتذكرنى وانا احكى لها .. ليس هذا فقط بل تذكرت اليوم نفسه و كيف كان رائعا ..
أسمع صوت القهوة وهى تفور،أطفىء النار فى آخر لحظة .. اصب القهوة فى كوب صغير هو الوحيد النظيف والباقى بهم بقايا قهوة منذ يوم او يومين ..

  أرجعُ إلى غرفتى أمام الكمبيوتر .. صوتها فى اذنى تتكلم ،احاول أن أنصت .. لا استطيع تميز الكلام ..
ومع أول طعم للقهوة فـ فمى .. اتذكر شفتيها .. أترك القهوة ،واقم من مكانى أغلق الكمبيوتر، واحاول التفكير فى شىء آخر ..
مجموعة كتب على المكتب .. اتلقفهم ،واعبث بورقة الاستعارة فى آخر كل كتاب .. لعبةٌ أحبُ أن ألعبها ، احاول أن اتخيل شكل من أخذ هذا الكتاب قبلى فى التاريخ الفلانى ..
يأتى فى رأسى شكل الكتب فى يدها فى هذا اليوم الذى قررنا فيه أن نتكلم لـ نصلح ما افسدناه ..احاول طرد المشاهد من رأسى ..

أركز فى التواريخ أمامى .. أجدُ شهر نوفمبر 2010 ، اللعنة ألف مرة على من ختم هذا التاريخ على الكتاب و اللعنة على من إستعاره .. ألم يجد سوى هذا التاريخ
اضع الكتب وأكملُ قهوتى..

وكما يُفتح السد لتمر المياه .. مرت الذكريات فى رأسى ،وأمام عينى بل و بعضها كنت اسمعه و احس به فعلا ..
هنا تضحك وأنا اقبّلها ،وهنا حين بكت فى حضنى ،وهنا عندما كنا نتسلل.

سيل من الذكريات مر حاملاً معه المؤلم والمفرح دون تميز .
يجب أن يتوقف .. احاول أن افكر فى شىء آخر ..
اقل لـ نفسى : أتذكرين هذه الفتاة الجميلة التى ابتسمت لكى أمس .. أرأيتِ عينيها ؟ .. آهـ لا تحديثينى عن جسدها .. بالطبع رأيت السلسلة .. نعم ولون الشفايف مطبوعٌ فى ذاكرتى .. لا لا لم يكن مثلها .. لم تكن فى ذلك اليوم تضع هذا اللون .. نعم اتذكر .. فلتصمتى الآن .. أنا أريد أن أهرب منها .. لما لا تفهمين .. لما لا تساعدينى !


   أنظرُ إلى هاتفى .. بائسٌ هو بدون صوتها .. وأنتَ ؟ .. قلت لكى اصمتى .. انا لا بائس ولا سعيد ..

بهذه الطريقة سأفقد السيطرة،الحل أن انام .. احاول النوم ، تمر نصف ساعة و لا نوم فى الأفق .. فقط صور لعينيها ،لضحكاتها، لدموعها ..
أ
عدّلُ من وضع نومى ،واحاول مرة اخرى.. أشعر بها بجانبى .. منذ يومين ضبط نفسى خائفةً من أن تعيش وحيدة !، استنكرت هذه الاحساس  .. لم تواجهنى ،فقط جاءت و ظهرها لى ،نزلت قليلا بجسدها حتى استقرت، يدى حولها وأنفى بجانب أذنها .. وهنا فقط استطعت النوم.

عقلٌ وقلب ..

    ارتب سريرى وقبل ان اطفىء النور اجد غطاء زجاجة عطرها بجانب السرير .. هذا العطر الذى جاءت به اختى وحمدا لله تنازلت عن إعجابها به .. اطفأت النور وتحسست طريقى ومددت يدى واخذت الغطاء، وبمجرد ان اقترب من انفى وجدتها جالسة بجانبى، كانت تنطر لى لا اعجابا ولا عشقا .. لم استطع ان اطيل وتركت الغطاء فورا .. اعتدلت واحكمت غطائى حولى واغلقت عينى .. وجدتها جالسة قبالتى وفى يدها وردة بيضاء . اللعنة على عقلى؛هو يُركب مشاهد قديمة واخرى يؤلفها ليؤكد على فكرته .. اننى انا الذى تركتها .. وهى الملاك البرىء المظلوم.. لكن أليست كذلك هى ؟
   لا ليست كذلك .. أليست هى من علمتنى ان اعشق بقلبى فقط والا يتدخل عقلى هذا،وقد كان .. وأليس هو اول من باعها بعد ذلك؟ .. لماذا لا يعشق الانسان بالقلب والعقل معا .. لماذا لا يخط العقل عقد العشق بين القلبين ويصبح شاهدا .. طلبت منى ان انحى عقلى جانبا لانه يفسد عشقنا، واترك قلبى يمسك بزمام روحى وننطلق فى فضاء العشق .. عشقتها، وتماديت.. نحيت عقلى، وبعد مدة ليست بالكبيرة ولا الصغيرة تخلى قلبى عنها ..لا اعلم لماذا ولا هو يرد على اسئلتى .. تصرفاته دوما هكذا لا تستطيع ان تحكم عليها بأى منطق .
    
    جدا علمتنى كيف يكون العشق .. ونسيت ان تذكرنى ان للقلب تقلبات لن نأمن عواقبها.  لا لم تنسى .. كانت خائفة من الهجر ودوما تذكر لى ذلك .. ولأول مرة كان عقلى فى صفها يحارب ضدى ،وقلبى محايد ..
     لا اعلم لما لا ترحل .. لأن روحها مازالت بداخلى ؟ .. اتذكر كيف كنا نتنفس نفس الهواء فلا نترك لهذا العالم ان يأخذ ولا نفس واحد من روحنا .. ظلت روحها بداخلى ولم تخرج .

    يتسلل ضوء فضى من النافذة .. اتذكر أن القمر بدر .. امسك هاتفى و افكر انها لن تتكلم اليوم لتخبرنى ان القمر جميل و مضىء كله ،سنتحرك بـ حرية عليه .. لن تدعونى لمشاركتها الليلة على القمر .. اختبر ذاكرتى واحاول ان اتذكر رقمها .. لا استطيع .. اتركه، واغمض عينى مرة أخرى محاولا النوم.
   عقل وقلب وروح .. ثلاثة آلهة يتحكمون .. لمن الغلبة ؟ لا احد يستطيع ان يجزم !

اتكـلمى

     حديقة عامة ..هواء بارد قليلا يمسح الاجواء .. جالسٌ هو بجوارها و لا صوت سوى صوت الهواء ..
ينظر الى عينيها التى تتلألأ فى ضوء الشمس، وانفها الدقيق، وشعرها الفاتح المتطاير .. يبدأ فى الكلام ..
- احيانا كثيرة اشعر بشوق تجاها .. واحيانا افكر هل كنت احبها فعلا
  لم ترد عليه لكنها اثنت قدمها تحتها، واعتدلت فى مواجهته 
- لكن السؤال .. لماذا فقدت القدرة على الحب ؟
أيعاقبنى الله على ما فعلته ؟ لماذا
ارتبكت حياة كل من شاركتهم ؟

   ترفع رأسها مستفهمة ..
- لا لن أحكى لكِ كل التفاصيل .. اخبرينى .. لماذا لم اعد اشعر بالحب تجاه احد .. لماذا توقف هذا الشعور .. اصبح الكل فى مكانة واحدة يتشاركون نفس الاحساس لا احد مميز  ..
   تدير رأسها و تتابع فراشة اقتربت .. اخذت تتابعها حتى اختفت من المشهد
- اصبحت كل العيون سواء .. كل الشفاه عادية .. اصبح الجمال و الدلال يظهر و يقترب منى حتى يتوقف عند مرحلة معينة .. لا استطيع فيها تميزه عن غيره ..
  يمر رجل وبجانبه كلبه الصغير .. تلتفت له فى ذعر و تنشغل عنى حتى يبتعد.
ما رأيك ؟ تكلمى .. سيأتى صديقى الآن و لن نستطيع استكمال حديثنا ..لماذا اصبحت الارواح متشابهة ...
  تنظر فى الارض ..
  
  يأتى صديقه و يجلس بجواره و يضع الطعام بينهما .. فتنتفض هى ،وتجرى بعيدا
يتابعها بعينه قليلا حتى ينتبه له صديقه ،وينظر وراءه ولا يفهم ..

  يراها بعد قليل تطارد الفراشة .. و تنظر له من آن لـ آخر ..
أو لعلها تنظر إلى الطعام ..

شمسٌ لم تعد تشرق

    لا يتذكر تحديداً كيف دخلت حياته هذه الفتاة المدهشة .. بدأت علاقتهم عن طريق الانترنت إلى أن جاءت إلى مصر لتدخل الجامعة .. فبدأوا يتحدثون هاتفياً باستمرار ثم قابلها ثلاث او اربع مرات .. حتى قررت أن تنسحب هى من هذه الصداقة دون أن تعلمه ..
    كانت مختلفة تمام الاختلاف عن كل مَنْ يعرف من بنات .. حديثها نفسه، واهتماماتها، وطريقتها فـ عرض المواضيع كانت مختلفة ..
     اللهجة الخليجية فى كلامها كانت تُضفى دلالاً طبيعياً عليه .. حتى إن حصونه الدفاعية كانت
جاهدة تحاول التماسك أمام هذا الدلال .. 
     دخلت إلى حياته بسرعة وتعلق بها فور ظهورها،وخرجت بطريقة غير متوقعة .. بدون ترتيب .. كان يتمنى أن تستمر صداقتهم سنوات ..
   
    لازالت تعليقاتها عالقة بذاكرته ..يفتقد كثيرا المؤثرات الصوتية التى كانت تضيفها إلى حديثها .. مداعبته لها حين يهزمها فى الطاولة .. يتذكر كيف كانت تمسك بـ الزهر..كانت تمسك واحدة بيد و اليد الاخرى تأتى بالثانية لتضعها بجانب الاولى ثم ترمها .. يذكر جيدا آخر مرة رآها فيها .. يذكر عينيها الآسرة ..
      يبتسم خجلا حين يتذكر اول مرة يراها داخل المترو .. لم يكن يتوقع ان تكون جميلة هكذا ..
لم تكفى اهتماماته وتفاصيل حياته اليومية من محو الذكريات التى تركتها بداخله... يحمّل نفسه الجزء الاكبر من سبب انسحابها .. إهماله فى الاهتمام بها ،وإندفاعه احياناً ..
  
  فجأة اصبحت غير موجودة .. لا انترنت ولا هاتف ولا شىء على الاطلاق .. افاق لنفسه يوما فلم يجدها .. الشمسُ التى كانت تدفىءُ عالمه لم تعد تشرق ..