مطبعة والآخِـر

    يتمايل الميكروباص به وهو يتحرك بسرعة كبيرة على الطريق متفاديا غِطاء بَارز، أو حفرة هنا، أو حجر هناك. وربما يتمَايل بطبيعته فهو مِن النوع الذى توقف إنتاجه منذ أكثر مِن نصف قرن  ..
  ممسكا بحقيبة بها كتب أحضرها من معرض الكتاب يُـتابع الطريق. أمَامه جركن أسود يضيّق المساحة المتاحة لقدميه، فتنحرف لتأخذ جزء مِن مسَاحة الجالس بجانبه .. العربة مُشتعلة بالنِقـَاش .. انتبه إلى أن كل مَنْ فى العربة يتناقش.
لا يدرك تحديدا مَنْ بدأ الكلام و بـ أى جملة. وبالطبع أصواتهم عالية. ماعدا السَائق الذى التزم الصمت .
    
    الشاب الجَالس بجانب السائق سأله " هو أنت كل يوم فى الدوشة دى "
" كل دور! "  قَالها السَائق وهو يمدُ يَده  بباقى العشرين جنيه .. هذا قبل أن يشَارك هذا الشاب مشاركة فعالة فى تلك الدوشة..
    مِقعد به ثلاث سيدات خلفه. الكل يتكلم فى نفس الوقت وبصوت عالى خلف أذُنه مباشرة. وراءهم ثلاثة شباب . كان قد سمع صوت محمد منير يغنى فى هَاتفِ أحدهم ،وحديث بينهم حول إحدى أغانيه قبل أن يتحرك الميكروباص من الموقف .
  
     تحمّل " الدوشة" وما تحمل مِن أفكار تحرق الدم وتضغط عليك لترد عليها، ولم يشارك إيثارا لسلامته وسلامتهم .. فى منتصفِ الطريق صَعد رجل فى الخمسين مِن عمره تقريبا و جلس بجانبه .. كانت أفكاره على عكس أفكار الثلاث سيدات خلفه .. وكان هذا الرجل أعلاهم صوتا، وأكثرهم تطرفا فى الأفكار. وما يلبث أن ينتهى مِن جملة حتى يتبعها بأخرى .. وإذا كتبنا ما يقول سيكون هكذا  " الغرب بيحارب مـ الغرب مش عايز رئيس مسـ الدنيا كلها بتحار حتى الجيش و الحكـ ... "
هو لا يُكمل الجملة لـ آخرها . فـ أول مـ كانت مرسى و الثانية كانت مسلم و الثالثة بتحاربه وهكذا .. هذا الرجل يبذلُ مجهودا فى الكلام ومَنْ يَسمعه يبذل ضِعفه فى الفهم .  ولا ينسى أن يتوجه بكلامه مباشرة إلى مَنْ يُحادثه فيدور ليواجه هذا بجملة فإذا تكلّم آخر فى آخِر العربة يدور بجسده كله ليواجهه.
   أخيرا نزل مَنْ كان جالسا بجانب السَائق ورَحم الجميع مِن اللثغة فى الكلام، ومِن دوران الرجل حول نفسه .. لم يمر الكثير مِن الوقت حتى نزلت السيدات الثلاثة فسمع أذنه تُهلل فرحا .. أما الرجل فبعد أن نزلت السيدات توجه إلى الثلاثة شباب فى آخِر مقعد ولم يكن باقى سواهم، و قال : " ماتسمعوش كلام الستات دى .. دول مش كويسين . مش محترمين "
أحدهم قال : " يا عم إحنا مالنا بيهم "
بينما قال الآخر : " إزاى يعنى مش محترمين يا حج " 
رد : " خايفين أصل مرسى هيمنع الزنا .. مرسى هيمنع الزنا "
وهنا تدخل السائق قائلا : " مطبعة و الآخِر يا حضرات " ...

هناك تعليق واحد:

  1. "غطاء بارز حفرة هنا، أو حجر هناك" ممل اوي الوصف ده. ثم يعني ايه اصلا غطاء بارز

    "أمَامه جركن أسود يضيّق المساحة المتاحة لقدميه، فتنحرف لتأخذ جزء مِن مسَاحة الجالس بجانبه" عايز تقول ايه هنا يعني ؟؟؟ شيلها كدا و شوف ف حاجه هتتاثر ؟!

    "فسمع أذنه تُهلل فرحا" يعني ايه؟؟ دي حاجه حلوه ولا وحشه طب ولا ايه

    بتشكل حاجات رغم انها مش محتاجه اصلا تشكيل

    DOLA

    ردحذف