عقلٌ وقلب ..

    ارتب سريرى وقبل ان اطفىء النور اجد غطاء زجاجة عطرها بجانب السرير .. هذا العطر الذى جاءت به اختى وحمدا لله تنازلت عن إعجابها به .. اطفأت النور وتحسست طريقى ومددت يدى واخذت الغطاء، وبمجرد ان اقترب من انفى وجدتها جالسة بجانبى، كانت تنطر لى لا اعجابا ولا عشقا .. لم استطع ان اطيل وتركت الغطاء فورا .. اعتدلت واحكمت غطائى حولى واغلقت عينى .. وجدتها جالسة قبالتى وفى يدها وردة بيضاء . اللعنة على عقلى؛هو يُركب مشاهد قديمة واخرى يؤلفها ليؤكد على فكرته .. اننى انا الذى تركتها .. وهى الملاك البرىء المظلوم.. لكن أليست كذلك هى ؟
   لا ليست كذلك .. أليست هى من علمتنى ان اعشق بقلبى فقط والا يتدخل عقلى هذا،وقد كان .. وأليس هو اول من باعها بعد ذلك؟ .. لماذا لا يعشق الانسان بالقلب والعقل معا .. لماذا لا يخط العقل عقد العشق بين القلبين ويصبح شاهدا .. طلبت منى ان انحى عقلى جانبا لانه يفسد عشقنا، واترك قلبى يمسك بزمام روحى وننطلق فى فضاء العشق .. عشقتها، وتماديت.. نحيت عقلى، وبعد مدة ليست بالكبيرة ولا الصغيرة تخلى قلبى عنها ..لا اعلم لماذا ولا هو يرد على اسئلتى .. تصرفاته دوما هكذا لا تستطيع ان تحكم عليها بأى منطق .
    
    جدا علمتنى كيف يكون العشق .. ونسيت ان تذكرنى ان للقلب تقلبات لن نأمن عواقبها.  لا لم تنسى .. كانت خائفة من الهجر ودوما تذكر لى ذلك .. ولأول مرة كان عقلى فى صفها يحارب ضدى ،وقلبى محايد ..
     لا اعلم لما لا ترحل .. لأن روحها مازالت بداخلى ؟ .. اتذكر كيف كنا نتنفس نفس الهواء فلا نترك لهذا العالم ان يأخذ ولا نفس واحد من روحنا .. ظلت روحها بداخلى ولم تخرج .

    يتسلل ضوء فضى من النافذة .. اتذكر أن القمر بدر .. امسك هاتفى و افكر انها لن تتكلم اليوم لتخبرنى ان القمر جميل و مضىء كله ،سنتحرك بـ حرية عليه .. لن تدعونى لمشاركتها الليلة على القمر .. اختبر ذاكرتى واحاول ان اتذكر رقمها .. لا استطيع .. اتركه، واغمض عينى مرة أخرى محاولا النوم.
   عقل وقلب وروح .. ثلاثة آلهة يتحكمون .. لمن الغلبة ؟ لا احد يستطيع ان يجزم !

اتكـلمى

     حديقة عامة ..هواء بارد قليلا يمسح الاجواء .. جالسٌ هو بجوارها و لا صوت سوى صوت الهواء ..
ينظر الى عينيها التى تتلألأ فى ضوء الشمس، وانفها الدقيق، وشعرها الفاتح المتطاير .. يبدأ فى الكلام ..
- احيانا كثيرة اشعر بشوق تجاها .. واحيانا افكر هل كنت احبها فعلا
  لم ترد عليه لكنها اثنت قدمها تحتها، واعتدلت فى مواجهته 
- لكن السؤال .. لماذا فقدت القدرة على الحب ؟
أيعاقبنى الله على ما فعلته ؟ لماذا
ارتبكت حياة كل من شاركتهم ؟

   ترفع رأسها مستفهمة ..
- لا لن أحكى لكِ كل التفاصيل .. اخبرينى .. لماذا لم اعد اشعر بالحب تجاه احد .. لماذا توقف هذا الشعور .. اصبح الكل فى مكانة واحدة يتشاركون نفس الاحساس لا احد مميز  ..
   تدير رأسها و تتابع فراشة اقتربت .. اخذت تتابعها حتى اختفت من المشهد
- اصبحت كل العيون سواء .. كل الشفاه عادية .. اصبح الجمال و الدلال يظهر و يقترب منى حتى يتوقف عند مرحلة معينة .. لا استطيع فيها تميزه عن غيره ..
  يمر رجل وبجانبه كلبه الصغير .. تلتفت له فى ذعر و تنشغل عنى حتى يبتعد.
ما رأيك ؟ تكلمى .. سيأتى صديقى الآن و لن نستطيع استكمال حديثنا ..لماذا اصبحت الارواح متشابهة ...
  تنظر فى الارض ..
  
  يأتى صديقه و يجلس بجواره و يضع الطعام بينهما .. فتنتفض هى ،وتجرى بعيدا
يتابعها بعينه قليلا حتى ينتبه له صديقه ،وينظر وراءه ولا يفهم ..

  يراها بعد قليل تطارد الفراشة .. و تنظر له من آن لـ آخر ..
أو لعلها تنظر إلى الطعام ..